• سجل دخولك او سجل عضوية لكي تتصفح من دون إعلانات

قصص سكس المطر (1 مشاهد )

  • بادئ الموضوع أمنيه رشدى
  • تاريخ البدء
أمنيه رشدى

أمنيه رشدى

Sexaoy Princess
عضو
إنضم:23 نوفمبر 2021
المشاركات:4,658
مستوى التفاعل:4,882
نقاط سكس العرب
48,168
حبات المطر الناعمة مازالت تهطل وتكسو شوارع المدينة بثوبها اللامع

والصباح المنعش بنسائمه الباردة

يعانق النوافذ والشرفات البيضاء الممتلئة بــ الياسمين البّري والأغصان الأرجوانية

تلك النسائم المعطرة بعبق الورد وهي تمتزج برائحة المطر
كانت ترافقها وهي تقترب من المقهى ذو الطابع الفرنسي حيث لوحات فويار وجان أونريه تزين الجدران الداخلية
والطاولات الأنيقة بطابعها الفيكتوري الفخم والشيدات المضاءة بلون الشمس والكثير من زهريات الورد الأنيقة

كل ذلك لم يكن كافياً ليخرجها من ذلك الحزن الذي يغمر دواخلها

ملامحها المغلفة بالخيبة كانت تحيط تدوير وجهها رغم تلك الابتسامة المصطنعة التي رسمتها ما إن دلفت لداخل المقهى
وبرغم هيئتها الهادئة إلا إن

الكثير من الحزن كان يشعّ من وجهها الصبوح كــ تلك الهالة الفضية التي تحيط تدوير القمر

ومع تلك الهموم تفاجأت بامتلاء المقهى كانت الطاولات مشغولة بالكامل
تفحصت كل أركان المقهى بحثاً عن طاولة شاغرة لكنها سرعان ما انشغلت بوجوه الحاضرين
نظرات الحب المتبادلة
الحوارات الهادئة
الهمسات التي تصاحبها ابتسامة والتماعة عين
الأغنية الرومانسية التي تناغم عناق هنا وتشابك أصابع هناك مع كل مقطع يحرك المشاعر لذروتها
وكأنه يوم للحب ..

اعتصرت قلبها تلك المشاهد وداهمتها نوبة الشعور بالوحدة

لم يكن أحد من الحاضرين قد انتبه لوقوفها سواه

كان يجلس وحيداً أيضاً يرمقها بين الحين والآخر بنظرات متطفلة من خلف الصحيفة التي بين يديه
ومع كل رشفة من قهوته كان يحاول أن يتفحصها أكثر
ودّ لو أنه يفكك أسرار تلك الحيرة التي تتوسط عينيها الجميلتين ..

النادل يقطع حيرتها

- صباحك خير سيدتي .. كيف أخدمكِ ؟

- أهلاً بك .. لدي موعد وأبحث عن طاولة

- سيدتي يؤسفني أننا في وقت الذروة والطاولات تعجّ بالزبائن بهذا الوقت

ولن تحصلي على واحدة قبل نصف ساعة من الآن تعرفين هذه الأوقات و ....

قاطعته قبل أن يسترسل

- لكنني ضربت موعداً في هذا المكان وليس لدي متسع من الوقت قبل وصول صديقتي
حاول أن تعالج الموقف لو سمحت

ابتسم النادل وهو يحرك رأسه بالنفي

- آسف سيدتي ليس هناك مكان في هذا الوقت يجدر بكِ الانتظار أو الذهاب لمقهى آخر

ختم عبارته بابتسامة ترحيب وأكمل طريقه نحو زاوية المقهى

تشعبت ملامح الحيرة بعينيها وهي تفرك بيديها وتتلفت بكل أرجاء المكان لعلها تجد أثنين على وشك المغادرة
ثم اتجهت نحو النافذة الزجاجية التي تغطيها ذرات المطر وبعض الضباب الذي حجب الرؤية جزئياً عن الشارع
أخرجت هاتفها واتصلت

جاء الرد سريعاً من صديقتها

- صباح الخير آسفة حبيبتي أعلم بأني قد تأخرت على الموعد كالعادة لا تهدري الوقت باللوم أغلقي الهاتف
سأصلك في غضون عشر دقائق

- لا لا تهتمي خذي وقتك بالكامل فالطاولات أيضاً مشغولة وما زلت أبحث عن واحدة

- آهااا طيب لا تشغلي بالك بهذا الأمر كثيراً فربما لدينا طاولة محجوزة فهناك من ينتظرني غيرك أيضاً

ذلك الشاب الذي حدثتك عنه لابد إنه قد سبقني للمكان وقام بحجز طاولة

- ماذا !؟ كيف تضربين موعداً معه دون أن تخبريني كيف سنتحدث بوجوده
لدي أمر هام وددت اخبارك به أنا متعبة جداً ولست في مزاج مناسب للمجاملة
كل ما أردته أن أخبرك بما حدث لي , لدي الكثير مما أريد البوح به لك وحدك

- ماذا ما بك ..؟ نبرة صوتك هذه تقلقني جداً تتحدثين وكأنك محطمة

- بل أنا أسوء مما تظنين

- ماذا ؟؟؟ أخبريني ما بك لا يسعني الانتظار حتى أصل و..

- قاطعتها بنبرة يأس لقد رحل والى الأبد لقد انتهى ما بيننا وكأنه كان يتمنى حدوث ذلك

- ماذا هل فعلها حقاً..؟
ألم أحذرك دوماً من عدم التورط في الحب وادمان شخص ما
لأنهم ياغبية هكذا دوماً يرحلون بلا رأفة ودون سبب حتى
سوى أنه قد أصابهم الملل أو أنهم وجدوا البديل

- هذا صحيح أنتِ تحذريني دوماً ومع ذلك تخبريني أن لديك موعد حب
في نفس المقهى الذي يشهد حطام قلبي

- موعد حب ؟؟ أمجنونة انتِ
أي موعد هذا ؟
أنها صداقة عابرة فحسب لست ممن تسلّم قلبها لأحد ثم تضرب قلبها خيبة كبيرة لاحقاً
حبيبتي هذا هو الحال الآن , نلتقي ونتسكع لبعض الوقت ثم نمضي كلّ بطريقه
الفكرة تتلخص بقضاء الوقت فقط
الكلمات والمشاعر التي نذرفها جميعا زائفة
بضع دعوات وهدايا ثم أركله بعيداً إنها مجرد لعبة نلهو بها فهذا يضمن الفوز دوماً
أما الحب فنهايته الخسارة

- كيف تقولين هذا الكلام كيف أمكنك أن تفكري بهذه الطريقة العبثية المتأرجحة
أين قلبكِ من كل ذلك ..؟
وما ذنب هذا الشاب ماذا لو كان صادقاً بمشاعره ماذا لو كنتِ حلمه الأخير
كما أنك واهمة فاللعبة قد تنتهي بالخسارة أيضاً

- أتقولين ما ذنبه ؟؟ حسناً أخبريني إذاً وما ذنبك أنتِ ..؟


بقيت شاردة وعيناها تتجهان صوب زجاج النافذة

اغلقت الهاتف وراحت تجول ببصرها في وجوه الجالسين بحثاً عنه
جزء منها كان يريد أن يمنع تلك الكارثة فهي لا تريد أن يعاني قلباً آخر
ذات الهزيمة والشتات الذي تعيشه الآن
لم تستطع أن تخمن من هو من بين الحاضرين فهناك العديد من الطاولات التي يشغلها شخص واحد
وتبدو عليه ملامح انتظار أحدهم
تحركت نحو لوحة كبيرة تزين الجدار الرئيسي علّها تستهلك الوقت ريثما تصل صديقتها
كانت اللوحة ترصد مشهداً لفتاة تحمل بيدها اليمنى مظلة في شارع ممطر
وفي يدها الأخرى تمسك قلبا متصدّع
شعرت وكأن تلك اللوحة تتحدث عنها , لحظتها كانت تقاوم رغبة ملحّة بالبكاء
لكنها أحست أن أحدهم يقف خلفها مباشرة .. تعمدت أن لا تلتفت

قبل أن يبادرها ..

- صباح الخير

برهة من التردد والصمت أرادت أن تعيد ترتيب تلك الفوضى التي أطفأت وهج روحها لكنها ردت أخيراً

- أهلاً صباح الخير تفضل

- عذراً لتطفلي آنستي لكنني أراكِ تقفين حائرة بحثاً عن طاولة في هذا المقهى
وتباريح الحزن تلتهم ملامح وجهك بشكل ملفت

- أمممم نعم بالفعل انا حائرة ولكن هل أنت مدير المقهى أو ما شابه ؟

تلعثم قليلاً

- كلا أبداً أنا أحد الزبائن فحسب وأجلس على تلك الطاولة في الزاوية الشرقية للمقهى

وأحببت أن أدعوكِ لمشاطرتي تلك الطاولة لحين حصولك على أخرى

تغيرت ملامحها قليلاً كمن تستعد للحرب لكنها تداركت نفسها وردت

- حسناً أنا آسفة فانا لا أجالس الغرباء ..!
شكراً لك سأنتظر فما زلت أمتلك بعض الوقت للانتظار


في سرها لقد انتبه لحزني ألهذا الحد تصدعت روحي .؟

لكنها استعادت نفسها يا إلهي هذا ما كان ينقصني
أن يتطفل عليّ مختل وسيم ليدعوني لطاولته

- بادرها مقاطعا هواجسها إذاً طالما ترفضين دعوتي لدي اقتراح آخر
دعينا نتبادل الأماكن خذي أنتِ الطاولة وسأنهي قهوتي قرب هذه اللوحة التي تسمى ( إثم الفراق )
رفعت حاجبيها باستغراب واستدارت نحو اللوحة مجدداً وكأنها تريد أن تمعن في تفاصيلها أكثر
بعد أن تعرفت للتو على عنوانها من هذا المتطفل الغريب

- إذاً أنت تعرف هذه اللوحة ..؟
لم تسمع رداً

استدارت نحوه كان قد غادر نحو طاولته
لملم بضعة أوراق ووضعها داخل الصحيفة وارتشف آخر ما تبقى من قهوته وعاد متجهاً نحوها
في سرها كم كنت سأبدو سخيفة لو أنه سمع تساؤلي الأحمق عن اللوحة
كان سيظن انني أتعمد التشعب بحوار معه

لكنه وصل قربها وفي عينيه ابتسامة جميلة

- تفضلي آنستي بإمكانك الجلوس على الطاولة وأنا سأحاول الحصول على طاولة أخرى

لا يصح أن تقف فتاة جميلة مثلك لوقت طويل فيما اقف متفرجاً منشغلاً
بقراءة الهراء الذي يملأ الصحف

تجمدت بمكانها وهي تسمع عباراته المثيرة هذه شعرت أنها محاولة واضحة منه للتقرب اليها
تحركت نحو الطاولة بسرعة دون كلمة امتنان منها لكنها اصطدمت به واسقطت أوراقه على الأرض

- آهااا أنا آسفة حقاً لم أقصد ذلك أبداً

انحنى على الأرض ليلتقط تلك الأوراق وهو يردد لا عليكِ لا تهتمي أبداً لكنها تسمّرت بمكانها
وهي تشاهد من بين تلك الأوراق قد ظهر جانباً من بورتريه مرسوم بأقلام الفحم يجسد صورة صديقتها
حاولت تدارك الأمر

- يا الهي كم أشعر بالأسف لما حدث حقاً أعتذر منك جداً
رددت تلك الكلمات وهي تراقبه يلتقط ما تبعثر من أوراقه لكنها سرحت بخيالها أي صدفة هذه
لقد كنت وقحة جداً مع الشخص الخطأ لطالما أخبرتني عنه تلك الحمقاء بأنه مهذب
لكنه قطعاً أفضل من وصفها البدائي جداً

إنه الضحية القادمة لتلك اللعينة ربما سأقتلها ذات يوم لو قامت بتحطيم قلبه
يا إلهي أشعر أنه لا يستحق ما ينتظره لقد تعامل معي بلطف كبير
يبدو عليه الرقي والحداثة لابد انه رسام وهذا يعني أنه مثقف وشاعري ومهذب أيضاً وممكن أن يكون ..

نهض بعد أن التقط كل ما سقط على الأرض وقاطع خيالاتها الطارئة

- حسناً لقد انتهيت لا تكترثي آنستي اذهبي لطاولتك قبل أن يختطفها أحدهم
ورسم على وجهه ذات الابتسامة اللطيفة

- على أي حال شكراً لك ممتنة جداً لموقفك النبيل هذا وبودي اليوم أن أتخطى أحدى قواعدي
وأسمح لنفسي بالجلوس معك دعنا نتشارك الطاولة
على الأقل لأكفر عن ذنبي ببعثرة أوراقك وأطلقت ضحكة رقيقة
تفضل فقد طال وقوفنا

- عادت ابتسامته وزاد خجله وهو يردد نعم بكل سرور آنستي تفضلي

وحين وصلا قرب الطاولة بادرته بسؤال

- هل أنت رسام شهير ..؟

لم يرد عليها لكنه سحب الكرسي الخاص بها قائلا تفضلي بالجلوس آنستي

لحظتها شعرت بأن غيمة أمطرت للتو في مكان ما من روحها
أنستها ذلك الحزن الذي يخامر قلبها طيلة الوقت

ما هذا مَ الذي يحدث لي ؟ مَ الذي أفعله بنفسي

مجدداً يقاطع ذلك الحوار الذي يتردد بداخلها

- لا لستُ شهيراً أنا مجرد رسام مبتدئ لا أكثر
وربما هذا ما دفعني للتطفل عليكِ , فقد تولدت لدي رغبة برسمك ..
هناك الكثير من الغرابة والسحر بين عينيك
انه مزيج من حلم منطفئ وأمنيات عفوية وخيبة ما زالت تحكم قبضتها وتتصارع مع كبرياءك بضراوة
وتفاصيل أخرى تمنيت لو أجسدها على الورق

- حقاً ؟ قد رأيت كل هذا بوجهي بــ نظرة واحدة ..؟

داهمته تلك الابتسامة مجدداً لكنها هذه المرة مغلفة بملامح الحيرة ..

- لا في الحقيقة لدي إعتراف صغير
لقد كنت أسترق النظر اليكِ طيلة الوقت لا أدري كنت أجد صعوبة في منع نفسي من مراقبتك
يمكنك أن تسمّيه نوع من الشغف الذي يصيب الانسان فجأة تجاه الأشياء الساحرة

أعادتها عبارته الشاعرية هذه الى الرسالة الأخيرة التي تلقتها بالأمس

( لم أعد أشعر بالشغف نحوك كأن ما بيننا قد تلاشى للأبد )
أطلقت تنهيدة كانت عالقة بــ أعماقها لكنها أرادته أن لا ينتبه
فــ بادرت النادل بطلب قهوتين وهنا توقفت لتساله
- هل تفضل قهوتك ببعض السكّر ؟

- آنستي أيعقل أن أطلبها بسكّر وأنتِ في الطرف الآخر من الطاولة

هبط قلبها وهي ترتطم بعبارته التي مرت كالعطر على روحها بعد ذبولها فتوهجت فجأة
أما هو فقد كان ولأول مرة في حياته يشاهد عن قرب
مراحل اكتمال القمر ..

( الجزء الثاني )
حاولت تدارك الموقف - أتعرف ..؟ رد ببعض الثقة - ماذا أعرف ..؟ اللوحة التي بين أوراقك إنها تعود لصديقتي الوحيدة اعتدل بجلسته قليلاً وهو يصغي لها - صديقتكِ الوحيدة ..؟ - نعم إنها صديقتي ورفيقة عمري منذ زمن طويل ويالها من صدفة فقد كانت تحدثني عن صديق مميز لديها والذي هو أنت طبعاً وها نحن اليوم نتشارك ذات الطاولة وننتظرها سوياً دون أي اتفاق مسبق - ألا تجدها صدفة غريبة ..؟ - نعم إنها صدفة جميلة لكنني كنتُ أظنكِ بانتظار شخص آخر !! - كلا أبداً لا أنتظر أحداً سواها منذ دقائق فقط عرفت أن بينكما موعداً لهذا يجدر بي المغادرة حالما تصل لا أريد مقاطعة ما بينكما بدا سارحاً وهو يقول كلا أبداً لن تقاطعي شيئاً وأطرق والحيرة تلفّ وجهه وكأن تساؤلات عديدة عالقة بروحه أخذت طريقها لعينيه لكنه أطلق كلمة بدت كأنها خرجت منه سهواً - عنيدة ... - ابتسمت وهي تقول نعم هي عنيدة بالفعل - تشجع قليلاً - لا أدري لكنني في بعض الأحيان أشعر بأنني عاجز عن فهمها تماماً ما زلت أجهل ما تريده بالضبط أو حتى كيف تفكر هكذا وجدتها رغم روحها الجميلة وثقتها الكبيرة بنفسها لكنني أيضاً وجدت أنها جريئة بقدر كبير تحب المجازفة وكأنها تتعامل مع الحياة بلا مبالاة وتنظر للأمور كلها على انها لعبة - أتحبها ..؟ مرت لحظات من الصمت بدا عليه محرجاً ومتفاجئاً من هذا السؤال اغمض عينيه وكأنه يستجمع جرأته للحديث قبل أن يقول - حقاً لا أعرف مَ الذي يتوجب عليً قوله وجودك بالطرف الآخر من الطاولة بهذا الاتيان الأنثوي الطاغي بكل هذا السحر الممتد في أرجاء المقهى يجعل الاجابة على هذا السؤال أمر شاق جداً لكنني سأحاول الاجابة بصدق الحب آنستي حدث لا يمكن اختياره , شيء من تدبير القدر يأتي دون موعد مسبق دون أي مساعدة منا , انه نوع متفرد من الرفاهية التي تجعلنا نشعّ بكثافة دون حتى أن ننتبه , يقترب من دواخلنا خلسة ويستحوذ على كل ما يجده بطريقه انه ببساطة كلُّ تلك التفاصيل الحنونة التي تربت على أيامنا القاسية وجرعة النور التي تحقن في أوردة شعورنا فنضيء لكنني يا سيدتي حتى الآن ما زلت في الضفة المعتمة غير إني أمتلك حلماً وضعته بين يدي صديقتك المجازفة وما زلت أنتظر حدوث المعجزة .. آنستي لدي قلب ناصع لا أريد له أن يتحطم .. كان يتحدث وهو يتجنب النظر اليها مباشرةً لم ينتبه أن غيمة بدأت تمطر في عينيها لم يكن يقصد بفضفضته هذه العبث بجرحها لكنه انتبه لها فجأة .. - آنستي أنا آسف حقاً .. يبدو إني قد استرسلت بثرثرتي ونكأت جرحاً مازال طرياً - أتعرف ..؟ لقد سمعت منك للتو أصدق وأعذب تعريفاً للحب مر على خاطري يوماً .. لا تكترث لدموعي فهي المتنفس المتبقي لي عندما أكون وحيدة بلا وجهة ربما أنت في العتمة حتى اللحظة كما تقول أما أنا يا سيدي فلست في عتمة أنا انطفأت .. ناولها منديلاً وهو يردد - كيف يمكن لأي أحمق أن يجرح مثل هذا القلب حاول أن يغير مسار الحديث فبادرها - دعينا من كل ذلك وددت أن أعرف هل تمارسين عملاً ما أجابته وهي تمسح ما تبقى من دموعها - نعم أعمل بدوام مسائي بأحد المراكز التسويقية وأدير قسم الهدايا تحديداً - هذا جيد وربما هذا ما سيتكفل بمساعدتك لتجاوز هذه الفترة لكنك سيدتي يجب أن تعرفي إن الحياة لا تأتي على مقاسات أحلامنا أبداً ولا تأتي على مزاج أحد فهي ليست أماً ترأف بنا وتضمنا بحنو لن تعبّد طرقاتنا بالبهجة ولن تحيط أيامنا بالأمنيات المتحققة الحياة في كثير من الاحيان قاسية ومستبدة وساديّة يطيب لها اختبارنا وصهرنا قد تهشم الزجاج تحت أقدامنا عندما تجدنا حفاة وقد تتمادى أكثر ولكن يا سيدتي الجميلة تذكري جيداً من بين كل الآلام التي تعذبنا في الحياة لا شيء كالخيبة يمنحنا الرغبة في العودة والمضي قُدماً مد يديه الى مؤخرة رقبته وانتزع سلسلة يتوسطها مجسم لغصن زيتون مصنوع من المعدن الفضي خذي هذه السلسلة ولن تشعري بالوحدة بعد الآن ستكون ذلك الشيء الذي يلهمك النجاح فلطالما منحتني فيضاً من الطاقة والشعور بالثقة إنها واحدة من أُثمن أشيائي التي أملكها دون أن تفكر مدت يدها وتناولتها قبضت عليها دون أن تبعد نظراتها عن عينيه دون أن تتفحصها حتى قاطعهما النادل وهو يقدم القهوة فاستغلت هذا الوقت المستقطع وارتدتها ران بينهما صمت طويل قبل أن تنطق مجدداً لكنها هذه المرة كان صوتها واثقاً - إذاً فلترسمني أريد لوحة لي , نعم أرسمني من دون حزن أمنحني شيئاً من السعادة حتى وإن كان ذلك بنحو الخيال أستبدل خطوط يأسي بابتسامة كتلك التي قابلتني بها لحظة تطفلك المهذب عند لوحة .. إثم الفراق أرسمني كاملة الحُسن كسلسلتك هذه ولا تسألني كيف ستفعل ذلك من دون أن أجلس أمامك لبعض الوقت حتى أنا لا أعرف كيف ستفعل ذلك .. ولكن جد طريقة ما وأنا واثقة بأنك ستفعلها .. همّ بان يقول شيئاً لكنها وصلت وهي تردد من بعيد بصوت مرتفع - واو ما هذا كيف عرفتيه من بين الحاضرين أيتها الماكرة . اقتربت وجلست من دون مساعدته لم يقم بسحب الكرسي لها كما فعل قبل ذلك استمرت بالضحك المصحوب بالثرثرة لكنها اردفت - يبدو انكما تعارفتما قبل وصولي ومع ذلك لابد أن تتعرفا على بعضكما بحضوري أقدم لك صديقتي الحبيبة وهي بمثابة اختي ومصدر سعادتي وازعاجي بذات الوقت وأطلقت ضحكة طويلة أقدم لكِ يا صديقتي هذه التحفة الرائعة صديق قلبي الرسام الوسيم الذي بدأ يستهلك وقتي ويرهقني جداً دون حتى تقديم هدية تليق بجميلة مثلي وانشغالي به طوال الوقت ههههههه وانتما باختصار أكثر شخصين مزعجين أحبهما في اثناء ذلك ضبطته متأملاً وجهها دون أن يكترث للصخب الذي أحدثته صديقتها ومشهد التعارف الصاخب أما هي فقد تحسست السلسلة خشية أن يظهر جزء منها وقررت الانسحاب فنهضت على الفور وهي تقول - حسناً تشرفت بمعرفتك أيها الفنان الخلوق شكراً لك للسماح لي باحتلال الطاولة ولترحابك ولطف حديثك اسمحوا لي بالمغادرة أترككما لتكملا هذه اللحظات الشاعرية معاً لدي بعض المشاغل التي يتوجب عليّ القيام بها وغادرت بسرعة تبعتها صديقتها - ما بك كيف تغادرين لحظة وصولي هل بدر منه شيء أزعجك ؟ وماذا عن سبب موعدنا ما زلت لا أعرف تفاصيل ما حدث معكِ بالضبط - اعذريني حبيبتي لقد داهمني الوقت سأتصل بكِ لاحقاً كي نتحدث بكل التفاصيل خلاصة الأمر لقد افترقنا وكتب لي رسالة وداع قاسية ثم أغلق كل حساباته التي أعرفها وكل ما أريده الآن هو بعض الخلوة بنفسي كي أتخطى هذا الأمر بأقل الأضرار لكنني قبل أن أذهب دعيني أطلب منكِ شيئاً أرجوكِ كونِ لطيفة مع هذا الشاب أحبّيه لو استطعتِ فهو مهذب ولطيف ويمتلك شخصية فذة ولا تنقصه الوسامة ولن تجدي أفضل منه .. سيكون بمثابة مكافأة نهاية الخدمة لكِ بعد مسيرة حافلة بالعبث والتشتت - بربكِ لا تعودي لنصائحك العقيمة مجدداً أنتِ تعرفين أنا والحب نقيضان لا يجتمعان سأكون لطيفة معه نعم لكنني لن أحبه لأنني ببساطة لا أجد هذا الشعور برفقته إننا مجرد أصدقاء نتظاهر بالحب ونقضي بعض الأوقات الجميلة - إذا أخبريه بالحقيقة و لا تخدعيه , لا تمنحيه أملاً زائفاً أخبريه أنك تفضليه صديقاً فقط ودعيه يقرر إن كان سيستمر أم لا هذا ما أتمناه منكِ إن كنتُ صديقة قلبك الوحيدة فعلاً - لحظة لحظة لماذا بدء يراودني شعور غريب بأنك أعجبتِ به - ماذا !! كفّي عن هذا الجنون من فضلك بالإضافة إلى إنه ليس نوعي المفضل من الرجال وأكثر من ذلك فبعد الذي حدث لي مؤخراً أتمنى لو أنني أقتل جميع رجال هذا الكوكب - هممم صدقتكِ فعلاً .. لكن أليس غريباً أن قطتي المسكينة التي تنوي قتل جميع رجال الأرض كانت منذ قليل توصيني أن اكون لطيفة مع أحدهم ( قالتها وهي تلوي فمها بتغنّج) - حسنا افعلي ما تشائين أيتها الحمقاء أنا أمر في أكبر منعطف جارح بحياتي وأنت تسخرين مني وتظنين أني معجبة بصديقك المسكين هل هذا ما أمكنك فعله من أجلي حقاً ..؟ - هههههه كنت أمزح معك فقط , سأتصل بكِ مساءً ولو اضطررت فسأبيت معك هذه الليلة تعرفين كم أحبك وكم يؤلمني ما حدث لكِ اذهبي وحاولي التخلص من كل الأفكار المحزنة ورددي في داخلك عبارة واحدة فقط ( تباً له) ولا تلتفتي أبداً لابد أن حلمك الوردي تخبئه الأيام بمكان ما وستجديه حتماً عانقتها وتركتها تغادر المقهى كان منزلها لا يبعد عن المقهى سوى بضع دقائق لهذا قررت أن تمشي قليلاً كانت بحاجة لاستنشاق الكثير من الهواء النقي على وقع رذاذ المطر المصحوب برائحة أشجار الكلوروفيل و الزنبق والمنسقة بطريقة أنيقة على جانبي الشارع وأوراقها المتساقطة على العشب الأخضر تضيف بعداً شاعرياً على المكان لطالما كانت تحب المشي تحت المطر إنه الوقت المستقطع من فوضى أيامها لكنها ولأول مرة تجد نفسها في ذات الشارع دون طمأنينتها المعتادة دوامة من الحيرة ما بين علاقة دامت لبضعة أشهر تنتهي بطريقة غريبة مرّة وبين رجل ظهر من العدم بصدفة ظنتها عابرة لكنها وبطريقة غريبة لا تبدو كذلك وكأن القدر سارع ليتدخل ليمنحها فرصة التعافي من تلك الخيبة صوت من داخلها ردد فجأة لكنها خيانة ..!! صوت آخر بل هي خيانة مشروعة إنها لا تحبه هي تلهو معه فقط ربما كان هو أيضاً يجاريها فحسب وما أدراكِ ..؟ ربما كانت تحبه لكنها تكابر فهي كثيرة الغرور من أعطاكِ الحق لتختطفيه بعد لقاء صغير فقط أليس هو ذلك المختلّ كما قلتِ في بادي الأمر ثم بعد حديث صغير ها أنت تحفظين كل تفاصيله كنت مجبرة .. لم أنتبه للتفاصيل أنا تعثرت بها لقد بادر بنظراته بكلماته لمرات عدة لوكان يحبها لتجاهلني شعرت كأنه وجد ضالته بي أنا مرهقة مرهقة جداً لست أدري حتى اللحظة ماذا أريد لا أعرف إن كانت خيانة حقا أم خيانة مشروعة تباً لكل شيء ..


الجزء الثالث

في ذلك المساء ..

مضى وقت طويل وهي تقف أمام المرآة شاردة بتفكيرها بعيداً

مشتتة لا تعرف كيف تفكك كل تلك الأحداث المتناقضة التي طرأت على حياتها

مثقلة بمشاعر الأمل واليأس معاً
خليط من المشاعر تتجاوز قدرة القلب على فرزها ..
تحسست تلك السلسة برفق هروباً من تلك الغصة التي تلازم قلبها
تذكرت كلماته فتسربت ابتسامة رضا الى عينيها

أتراه سيتمكن من رسم صورتي ..؟

وراحت تستعيد تلك اللحظات حديثه الدافئ , صوته الممتلئ بالثقة

سحر شخصيته , تلك الطاولة والقهوة والحديث عن السكر

تواصيفه للحب ومن دون أن تقصد رفعت صوتها قليلاً

يا إلهي لقد مر إحساس جميل من هناك نحو قلبي
حقاً لا أريد له أن ينتهي لكنني أيضاً لا أريد خيانة صديقتي

أي متاهة لعينة هذه أكملت تلك العبارة ونظرت الى الساعة

لاحظت أنه مازال أمامها قليل من الوقت لبدء نوبة العمل لهذا غادرت غرفة تبديل الملابس نحو قسم الهدايا
وما ان أكملت الممر المؤدي للصالة الكبرى حتى شاهدت صديقتها في وسط الصالة تبحث عنها

- آهاا ما هذه المفاجئة الجميلة أهلاً بكِ حبيبتي

- أنا حبيبتك أيتها الماكرة ..؟

كيف تتركيني في المقهى دون حتى أن نتحدث قالت كل ذلك وهي تحتضنها

- آسفة يا عمري كنت أريد أن أمنحكما شيئاً من الخصوصية
كما تعرفين كانت الاجواء مفعمة بالرومانسية وأردت ان أجنبكم تلك الطاقة السلبية التي أحملها معي

ولكن أخبريني كيف انتهت الأمور بعد مغادرتي هل كان لقاءً شاعرياً ؟

- نعم نوعاً ما كان كذلك ثم غادرنا المقهى بعد ساعة فقط وخلال ذلك الوقت لم نكف من الحديث عنكِ
كان متأسفاً لما حصل لكِ ورحت أخبره كم أنت لعينة مكروهة
لا أمزح طبعاً أخبرته كم أحبك وكم أنت صديقة غالية وقريبة من قلبي
ثم أهداني لوحة كان قد رسمها لي بدت بغاية الجمال
تعرفين هو رسام محترف لكنه لم يكن راضياً عنها بشكل تام
لهذا طلب مني صورة أخرى كي يرسمها فناولته هاتفي و بدء يقلّب الصور كي يختار واحدة
وتخيلي أي صورة أعجبته

- أي صورة ؟؟


- لقد اختار أحدى الصور التي تقفين فيها بقربي
قال انها تبدو واضحة أكثر والملامح بها أجمل لقد كان محقاً وقد أعطيته الصورة دون ان أستشيرك
لا أدري هل أخطأت وهل ستصدعين رأسي بثرثرتك أم لا

لاحت منها ابتسامة طفيفة حاولت إخفائها وفي سرّها كانت تهمس ..
هكذا إذا أيها الوسيم الماكر حقاً إنها طريقة ذكية للحصول على صورتي لقد كنت متأكدة بانك ستجد طريقة ما

- ولكن لماذا لم تعطيه صورة أخرى تخصك أنتِ وحدك .. يبدو الأمر محرجاً بعض الشيء

- لالا ليس محرجاً ولا تبدئي بلومي لقد أعطيته الصورة وأنتهى الأمر

لكنني لم أمرّ هنا للتحدث عن الصور والرسم بل جئت لأفهم هل ما زلتِ عالقةً بذاك الأحمق ..؟

أخذت نفساً عميقاً وزفرته قبل أن تقول

- في الحقيقة أنا تائهة
فتارةً أشعر أنني متماسكة وبخير وأخرى مهزومة كلياً
لكنني بــ نهاية المطاف سأتخطى الأمر بطريقة أسرع مما أظن
وكل ذلك بمساعدتك يا إلهي كيف كنت سأواجه هذه اللحظات لو لم تكوني بحياتي

في اليوم التالي ..

كان يجلس على كرسيه كـ إله إغريقي ينفث دخان غليونه المصنوع من خشب البلوط الداكن
في فضاء الغرفة المليئة بأعماله الفنية وكل الحكايات واللحظات المشفرة من تاريخه
يتأمل ابتسامتها في اللوحة التي استغرق عدة ساعات ليحصل عليها

هكذا هو لم تخذله أحلامه يوماً
كان يبدو كرجل يكفيه أن يحلم لتصادق الحياة على أحلامه
لكنه لم يكن يريد أن يدنّس ذاكرة أيامه بفتوحات رجالية عقيمة
الرسم والموسيقى هو ترفه الشخصي
مهووس بصوت المطر كسمفونية كونية
وزرقة البحر كمساج لذاكرته
يصنع الحياة على مقاس ذائقته ويجيد إخفاء مزاياه وغموضه
شهريار مختلف يبرع في طهي رغباته بتأن ولا يسمح لها أن تنفلت
لأنه تعود أن يقطف الأشياء كاملة الدسم
لا يهاب ان يتشاطر مع أفعى الأناكوندا جلسة تصوير دون أن يرف قلبه

بالأمس عندما كان يراقبها في المركز التجاري عن بعد
أراد أن يراها متجردة من كل تلك الأقنعة التي قد ترتديها الأنثى بمحاذاة طاولة رومانسية
هكذا تعود أن يحرك بيادق أفكاره كلعبة شطرنج

لم يشأ أن يلتقيها قبل أن يحين موعد القطاف فــ التوقيت هو اللاعب الثاني في رحلة الابهار التي يريدها
أما اللاعب الأول فهي تلك الكاريزما الآسرة المحشوة بداخله
كان مصراً أن يبقي حطب انتظارها متوقداً حتى يحين موعد اللقاء
لكنه الآن بحاجة لبضعة لمسات أخرى ليكمل اللوحة

في نفس اللحظات تحديداً وفي مكان آخر

كانت مستلقية في لحظة تأمل تنظر سقف الغرفة
وقد حجبه شريط من الذكريات التي تشبه في مذاقها مرارة القهوة وحلاوة المزاج الناتج عنها
نوع من التيه الذي يولد من رحم الخذلان العاطفي
هي حتما لم تكن تلك الفتاة الساذجة المتهورة
فهي ليست من النوع الذي يرتدي ثوب الحب كيفما أتفق بفوضى فتاة صغيرة
لكن حبيبها السابق كان لطيفاً يتبعها في كل مكان
ويقطع عليها طرقاتها المسائية بتلميحات المراهقين
تجاهلته كثيراً في بادئ الأمر لكن اصراره كسر حاجزها الاول
لم تخرج منه في أول موعد جمعهما بانطباع مثالي
لكنه بدا لها مقبولاً على الأقل لم يكن طائشاً جداً
كان أكثر ما شدها اليه اهتمامه بأدق تفاصيلها
هكذا هي شغوفة بالتفاصيل
رائحة المطر , تنسيق الورود المصفوفة بمحاذاة الشارع
الرسمة التي تظهر على وجه القهوة
تأسرها اقتباسه
ويرف قلبها لأناقة غيمة
أحبت نبرة صوته التي لا تخلو من دعابة وهو يصف جمالها ورقتها
كل تلك الأشياء كانت تفضي لقلبها فظنت أنه الحب

من مغايرات الحياة الغريبة أن تقع الجميلات دوماً بحب الشخص الخطأ
كم بإمكان قرار واحد أن يغير أقدارنا , يتلاعب برتم رغباتنا
برغم إنها كانت كلما مرت بشارع تكاد تلتهمها عيون العابرين لفرط انوثتها الطاغية
,اعصار من الرقة يكتسح قلوب الرجال , سلاح منفلت لا يرحم ضحاياه
كانت كفراشة وقعت في فخ خيوطه
لكن ذلك الآن أصبح ماضياً

هزت رأسها وكأنها تريد الاستيقاظ من ذلك الشريط الماثل أمامها
لا أدري كيف سمحت له بإرباك حياتي لهذا الحد
وتفخيخ كل الأشياء الجميلة فيها

أحست بالضعف فقبضت براحة يدها على غصن الزيتون
مَثلت صورة الرسام أمامها .. لابد أنه مختلف
نعم هو مختلف غموضه الآسر , دفء أحاديثه , كل تلك القوة التي تلازمها عندما يتسلل الى خيالها

رن الهاتف دققت بشاشته كانت صديقتها

- نهارك سعيد حبيبتي كيف حالك اليوم ..؟

- أهلاً بكِ يا عمري .. أنا بخير تماماً

- حسناً اذاً لقد قبضت مبلغاً جيداً إنها بعض الحوافز المتأخرة
ولهذا أدعوكِ للغداء معي بمطعم غصن الزيتون تعرفيه
كما إن لدي ما أخبرك به

اضطربت قليلاً وهي تسمع اسم المطعم

- حسناً حبيبتي شكراً للدعوة سأكون هناك بعد ساعة من الآن

- تمام اتفقنا لا تتأخري

- كلا سأقوم على الفور بالاستعداد للخروج

- مع السلامة

- مع السلامة حبيبتي

ارتجف قلبها وهي تغلق الهاتف لماذا تدعوني بهذا المطعم تحديداً ..؟
أتراها عرفت بأمر السلسلة وما هو الأمر الذي تريد الخوض فيه
أخشى أنها أحست بشيء يا إلهي لماذا ورطت نفسي بأخذ سلسلة غصن الزيتون منه
سيكون موقفي صعباً أمامها ..
لكنني حتى اللحظة لم أبادر بشيء ما زلت منهمكة بنسيان ذلك المعتوه
لكنها كانت تبدو طبيعية لا أظن أن هناك شيء ما
اسم المطعم لا يتعدى كونه صدفة على أي حال سأعرف كل شيء عندما أصل هناك


في مطعم غصن الزيتون


مع دخولها كانت تسمع نبضات قلبها وقد لازمتها رجفة في شفتيها

كان مطعماً جميلاً صمم بطابع حديث
جدرانه المطلية بتدرجات لون البنفسج والتي تزينها القضبان والمصابيح الفضية اللامعة والمرايا الأنيقة
تبعث الشعور على الدفء والهدوء على كل الطاولات التي لم تكن مشغولة بالكامل
قادها النادل الى الطاولة التي بدت متناسقة بشكل ملفت مع بقية تفاصيل المطعم

كان أول ما طمأنها تلك الابتسامة الواسعة التي تملأ وجه صديقتها

- أهلاً بكِ حبيبتي حمد لله إنك لم تتأخري فانا اشعر بالجوع

أطلقت ضحكة مغمسة ببعض الحذر وهي ترد

- وانا كذلك حبيبتي كما انني كنت افتقدك جداً

عانقتها ثم جلست

- والآن علينا ان نختار الأطباق التي نريدها ثم ننطلق بأحاديثنا لأنهم يتأخرون بعض الوقت في تحضيرها

النادل اخذ الطلبات وحدد نصف ساعة لإحضارها

تقاسمتا بعض الصمت قبل أن تبدا صديقتها بالحديث

- لقد دعوتكِ اليوم كي أخبركِ بشيء أخفيته عنك

زاد قلقها وهي تسمع هذه المقدمة وبدأت تستعد
وتعيد في داخلها بعض الاجابات التي حددتها سلفاً كعذر لما حدث في المقهى

- حسناً تفضلي حبيبتي ما لذي أخفيتيه عني ..؟

- بداية ترددت كثيراً في مفاتحتك بالموضوع
لأنني لم أكن أعرف بالضبط ما وقعه عليكِ لكنني الآن أريد التحرر من وطأة ما حصل

- نعم أكملي ما هو الشيء الذي حصل ؟

- لقد كنت أعرف ..

هبط قلبها وكأنها تسقط من مرتفع شاهق

- نعم ماذا تعرفين قولي ..؟

- حبيبك السابق ذلك الأحمق
ضبطته قبل أن تفترقا ببضعة أيام متلبساً بخيانتك

تنفست الصعداء وهي تسمع ذلك لكن دواخلها مازالت مشوبة بالحذر

- نعم أكملي حبيبتي

- نعم كان يقوم بخداعك وعندها تبعته وتأكدت من خيانته فواجهته بفعلته فأنكر
لم يكن يعرف انني قمت بتصويره لكنه بالنهاية أقر بفعلته
كان مرتبطاً بأرملة ثرية ويبدو أن لعابه سال على ثروتها
يومها وبخته كثيراً وسحقت كرامته كان لعوباً تافهاً يخفي كل ذلك خلف شخصية وديعة
وهذا ما خدعكِ به انها محض خدعة من البداية
ولهذا طلبت منه أن يبتعد وكان شَرطي الوحيد أن يغادر حياتكِ فوراً وأخفيت ذلك عنك
كنت قد حددت له حتى موعد الرسالة الأخيرة التي بعثها لكِ نعم كنت جالسة بقربه وهو يقوم بأرسالها
كان ذلك هو الحل الوحيد كي أصون قلبك وأحلامك
فانتِ صديقتي الأقرب لنفسي لقد كان أصعب القرارات التي اتخذتها بحياتي على الاطلاق
لكنه كان خياري الوحيد لهذا عليكِ نسيانه لا تدنسي ذاكرتكِ بحرف أو موقف واحد من ذلك المحتال
وبالنهاية بعد طول تفكير قررت كشف ذلك السر لأنني وجدته قد يساعدك على التخلص من بقاياه
سامحيني حبيبتي ما كنت أقبل على نفسي ان أدعك ضحيةّ طوال الوقت

كانت دموعها قد بدأت تنساب على وجنتيها ببطيء وهي تستمع لصديقتها
التي بدورها انتبهت لذلك فناولتها بعض المناديل الورقية

وهي تقول
-لا أريد أن تلفتي انتباه الحاضرين أنت باهرة الجمال

وألف رجل أفضل منه سيتمنى أن يحصل على قلبك
بالإضافة ان علاقتكما لم تدم سوى أشهر وانتِ لم تكونِ غارقة بحبه حقاً , لا تنكري ذلك

صدقيني جميع الرجال هكذا حتى الرسام خاصتي بدأ يتغير فقد انحسرت لقاءاتنا مؤخراً
بالكاد نتبادل بعض الرسائل ذات الطابع التقليدي
لكنني لا أكترث لهذه الامور فكما أخبرتك أنا لا أعول عليه كثيراً
هو مجرد صديق أحببت فيه كرمه ولطفه وتهذيبه الكبير فضلاً عن شخصيته الملتزمة
على فكرة هو ليس رساماً فحسب إنه يمتلك الحصة الأكبر من الأسهم في شركة ديفاكتو
في نفس المركز التجاري الذي تعملين به وهو يذهب الى هناك بين الحين والآخر

ولكن دعينا من كل ذلك الآن فــ رائحة الطعام مزقتني وعلينا أن نستمتع بالأطباق التي ستحضر بعد قليل
لهذا كفكفي دموعك قبل أن أصفعك على وجهك الجميل هذا
ولكن يال وقاحتي .. جدتي تمر بانتكاسة صحية ومع ذلك أنا هنا من أجلك ولدي رغبة بالتهام أطباق هذا المطعم
بدل السفر لزيارتها

- آها خبر مؤسف جداً أتمنى لها السلامة
أتعرفين حبيبتي أدين لكِ بشكر كبير لكل ما تفعليه من أجلي ولأنكِ بقربي دوماً
رغم كل هذه الظروف الصعبة التي تحيطك

ولكن دعيني أسالك هنا ماذا لو أنك مررتِ بما حدث لي

أن تأتي واحدة لتختطف الرسام

أطلقت ضحكة عالية التفت اليها بعض الجالسين في الطاولات المجاورة

- اسمعيني جيداً حبيبتي صدقاً أقولها لن يتغير شيء
فهو صديقي واذا أحبَّ امرأة أخرى سيبقى صديقي وسأكون الى جانبه
لست بلا قلب كما تظنين
في ما مضى وقعت بالحب لمرةً واحدة لكن القدر فرّق بيننا .. رحل بحادث مؤسف تاركاً خلفه قلباً لا يتوقف عن حبه
ومن يومها لم يرتجف قلبي لأحد

لاحت دمعة في عينيها لكنها أكملت ربما سيأتي ذات يوم رجل ما
لكن الوقت لذلك مازال مبكراً




الجزء الأخير


في ذلك المساء

بدت بوجه متوهج تشع منه الرغبة والحياة وهي تدخل الى المركز التجاري

فبادرها موظف الاستعلامات

- آنستي وصلك طردين قمت بوضعهما في غرفة تغيير الملابس خاصتك

تفاجأت جداً لكنها أردفت

- طردين ؟ حسناً شكراً لك سأتفقدهما حالاً

أسرعت نحو الغرفة ودخلت واذا بطردين فعلاً !!

كان الأول يبدو وكأنها لوحة وقد كتبت عليه عبارة ( افتحيني أولاً )
أما الثاني فهو صندوقاً للهدايا أسود اللون ملفوف بشريط أحمر

فسارعت لفتح الاول ولكنها شهقت حين رأت ما بداخله
وضعت يدها على فمها كمن تريد كتم صرخة
كانت اللوحة التي تجسد صورتها .. بدت ساحرة جداً

راحت تتفحص تفاصيلها بعجل وارتباك وفرحة ضربت آخر نقطة من أعماقها

لكنها انتبهت لظرف رسالة معلق بجانب اللوحة

فتحته ونبضها يتعالى وراحت تقرأ

ثمة طاولة رومانسية مغلفة بالساتان الأبيض مضاءة بالشموع وفازة أنيقة تزينها قطفة توليب
وعلى مقربة منها عازف بيانو يخطف القلوب بموسيقى شوبان

كل ذلك في مطعم كافيار الشهير بالأطباق الأروستقراطية والاطلالة الساحرة على البحر

وهناك مقعين فقط على تلك الطاولة الحافلة بالحلم

كونِ غداً هناك في السابعة مساءاً
ملاحظة ..

افتحي الطرد الآخر وارتدي ما به

ركنت اللوحة جانباً ونظرت لصندوق الهدايا كان صندوقاً اسوداً لُفّ عليه شريط من الساتان الأحمر
معقود من الأعلى بهيئة فراشة

الصناديق السوداء اعتادت أن تحمل أسراراً وخفايا الكثير منها حزينة

لكن هذا الصندوق كان يحمل تباشير فرح لقلبها إنه حصان طروادة الذي سيتكفل بفتح باب قلبها من الداخل

فالأسود لون الكاريزما والغموض والأحمر كان إشعاراً للحب والشغف

هكذا كان يريد أن يفتن ما تبقى من روحها بسحره الخاص

أن يرفع التحدي وينتقل للمستوى الآخر من الحكاية
دون أن يتيح لها فرصة التفكير بــ القبول أو الرفض

فتحت الصندوق وكان أول ما تلقاها توليبة حمراء طبيعية ملقاة فوق فستان سهرة أسود
مكشوف الظهر وبلا كمّين
بدا أخاذا وساحراً يشع بالأناقة والرقي

تناولت الورد ة قربتها من فمها وعبيرها مع كل ثانية يختطف جزءاً آخر من أعماقها
في سرّها ..
- إنه يقطع مسافة الحب كلها نحوي دفعة واحدة

هرعت نحو المرآة ألصقت الفستان بــ جسدها الطاغي بأنوثته
راحت تراقصه ببطء كفراشات السواقي على صدى أنغام موسيقى سماوية

يا إلهي كيف عرف مقاسي إنه يناسبني جداً وكأنه صمم من أجلي في أحد دور الأزياء الشهيرة
ثم كيف عرف مكان عملي لابد إنه مر من أمامي بضع مرات في السابق

لازال الصندوق يخبيء مفاجأةً أخرى

مدت يدها في عمق الصندوق كان يضم في أسفله حذاء أسود بكعب مرتفع

شهقت وهي تردد ياله من ذوق رفيع تفحصت المقاس كان مطابقاً لمقاسها يا الهي كيف له أن يعرف كل ذلك عني
من أين جاء بكل هذه المفاجئات لابد إنه مهووس بالتفاصيل الراقية
وينجح باستدراجي لسماءه من حيث لا أدري

تلك الليلة ارتدت الفستان أكثر من مرة وتخيلت مشاهد لا حصر لها من لقاء الغد
لم تستطع النوم كانت تحلّق على حلم متكرر من لحظات الحب

استفاقت في الصباح على رنة هاتفها

النافذة المنسدلة في شاشة الهاتف تنبأها برسالة من صديقتها

فتحتها على الفور

- صباح الخير حبيبتي لم أشأ ايقاضك

سأغيب ليومين لزيارة جدتي المريضة

سأفتقدك جداً كونِ بخير حتى أعود .. قبلاتي

راحت تكتب وهمسة سرور تداعب قلبها

- صباح الورد حبيبتي أتمنى لجدتك السلامة أبلغيها دعواتي بالشفاء
حسناً فعلتي يجب ان تكونِ بقربها
ورحلة آمنة يارب
عودي بالسلامة سأشتاق لك كثيراً .. أحبكِ جداً

أكملت تلك الرسالة وراحت تتصل بمديرها في المركز التجاري

أخبرته بانها لن تتواجد هذا المساء وهي بحاجة لاجازة من العمل

في داخلها يبدو إن القدر يفعل ما بوسعه من أجل هذا اللقاء

الساعات اللاحقة قضتها في مركز التجميل أرادت ان تكون استثنائية في ليلة استثنائية


في مطعم كافيار

كانت الساعة توشك على السابعة مساءً حين وصلت واجهة المطعم

الكبيرة المزدانة بالزجاج والأضواء التي تنبثق من مجسمات عالم البحار

النادل الذي فتح الباب تناول معطف الفرو الذي كان يخفي فستانها الجميل

بدت كــ أميرة آتية من قصور القسطنطينية

وهي تخطوا في الممر المؤدي للصالة الكبيرة التي بدت أرستوقراطية وفخمة

ورغم شاعرية المكان إلا إنها بدت كمن يدخل الى متاهة أو أنها قطعت تذكرة لرحلة لا تعرف أين ستنتهي
فهي لا تعرف كيف سيكون شكل هذا الموعد وكيف سينتهي
كانت الطاولات موزعة بطريقة تحفظ حميمية الزبائن

الإضاءة الخافتة , الكاربت الأحمر , كل تلك الشمعدانات المضاءة بالشموع

الأحلام المتناثرة على وجوه الجالسين ترافق خطواتها المدوزنة كمفاتيح البيانو نحو طاولتها
بدء قلبها يخفق بشدة وهي تراه على بعد خطوات يقف لاستقبالها

كانت مشرقة بطريقة استثنائية لم تكن متوهجة يوماً بهذا القدر
فهي لم تشعر يوماً بأنها أميرة كهذه اللحظات المدهشة من عمرها
فرحة غامرة تجوب زوايا قلبها وتشع من عينيها
شعرها المتمايل مع كل خطوة بهدهدته الرقيقة خطف قلوب الحاضرين

أما هو فقد كان مأسوراً بها

انها لحظة ارتباكها الأول أمام غموضه الآسر

- رباه كم أنتِ فاتنة دون الأضواء

كانت تلك هي عبارته الاولى

تورد وجهها وارتسمت على ثغرها تلك الابتسامة الساحرة

- شكراً لك وأنت أيضاً تبدو بغاية الاناقة والرقي أيها الرسام الوسيم

نسيا وقوف النادل بالقرب وأكملا تلك المحاورة وقوفاً

- مساؤكِ هذه الموسيقى والمكان وأنا والعالم برمته ونبضات قلبي

عادت لها الابتسامة

- مساؤك سعادة ترافق قلبك دوماً

مدت يدها للمصافحة

فانحنى وقبّل يدها بأرستقراطية عاطفية

أراد النادل أن يسحب لها الكرسي لكنه رمقه بنظرة رفض

ما كان يريد لأحد أن يشاركه طقوس رجولته

فكل التفاصيل في هذه الليلة كان يريدها بامضائه هو فقط

سحب لها الكرسي ايذاناً بجلوسها فجلست

أتعرفين ..؟ أنت بالنسبة لي أحد أكثر أشياء هذا العالم روعة

أنت أكثر شيء جذاب من الممكن أن يقابله المرء بحياته

لاحت بعينيها ملامح كلمات كثيرة لكنها أكتفت بتذوق عباراته الرقيقة

فبادرها أحب ما لا تجرأين على قوله

أحب ما يختبيء خلف عينيك الجميلتين

منذ رأيتك أول مرة وأنا لم أتوقف عن التفكير بك

حياتي كانت ممتلئة بالايقاعات المتكررة

حتى رأيتك

كنتِ الحدث الاستثنائي الذي لا يتكرر

النور الذي مر بقلبي ذات صدفة ولم ينطفيء

ثم أصبح النظر الى وجهك هو الجزء الأجمل من يومي

كانت كل ما تفعله هو الاستمرار بالغرق في سحره دون طلب النجاة

ومع كل لحظة تضعف مقاومتها

لكنها استفاقت عندما بدء النادل يملأ كأسيهما من بشراب الكرز الاحمر

استغلت اللحظة لتقول

هذا يعني إنك معجب بي ؟

وماذا عن صديقتي ؟؟ كيف يمكن لي أن أجاريك بــ ..

فقاطعها على الفور

هذا ليس سؤالا مناسبا لموعد أول

أمسك بيدها بهيمنة تامة

لا تكملي

راقصيني فقط

عادت لضياعها بين يديه

الموسيقى الرومانسية كانت تملأ فراغ ذاك الصمت بينهما

جذبها نحو مكان الرقص

أحاط خصرها بيديه

استسلمت لنداء روحها وضاعت في لذة تلك اللحظات

كان يرقصان كنجمة ترافق القمر

لم يكن ما يفصل بين روحيهما سوى تلك النظرات التي قالت الكثير

بدا المشهد أخاذاً

الطاولات الأخرى عاشت ذلك المشهد الحافل بالرومانسية
وكأن شيطان الحب أصاب ذلك المكان برمته

النظرات الحالمة , الابتسامات الرقيقة , الفيض الهائل من المشاعر
بدأ بتسرب للمكان ويتكاثر بقلوب الحاضرين

ليس هناك ترف انساني أكثر من أن تغرق بتلك التفاصيل الحنونة مع من تحب

أكملا الرقصة على وقع تصفيق الحاضرين

أمسك بيدها وقادها الى مكان جلوسهما

ثم بادرها

شكراً لكل هذه اللحظات الدافئة المختطفة من العمر

أطرقت بخجل فهي لا تدري ما يجدر بها أن تفعل حقاً

من عبثية هذا الموقف

قلبها تائه يقول أنتِ تحبيه
وعقلها تائه آخر يرفض تلك الفكرة ..!

لكنها إرتجلت

أتعرف .. ربما كانت هذه أجمل اللحظات التي مرت بعمري

لكنني للتو قد خرجت من تجربة مريرة ومازالت فوضى مشاعري منفلتة

فقد كانت ذكرياتي معه ممراً إجباريا لكل الخيبة

وأنت بلمسة واحدة أعدت تشكيل روحي ومنحتها السعادة

لكننا هنا نرتكب خطأ كبيراً
فما تزال أنت ملكاً لواحدة أخرى وتلك الأخرى هي أقرب صديقة لي
لا أدري كيف سأشرح ذلك لكنها غصة كبيرة تحول دون تحقيق ما بيننا

قاطعها وفي وجهه الكثير من علامات الحيرة

- الجميع يرتكبون الأخطاء ومع ذلك فهي مجرد صديقة لي ولا أجدها مكترثة جداً لأمري

- أعرف ذلك لكنك لا تعرف المرأة

لو منحتك قلبي سيكون ذلك بمثابة طعنة مني لها

أنت لا تفهم الآن لكن سامحني لابد لي من التضحية لأجلها لايمكنني أن أقبل الانجرار خلف قلبي

- أخبريني اذاً ..؟
ماذا يخبرك قلبك

أطلقت تنهيدة رقيقة

- ليس قلبي فقط .. كل جزء بروحي يريدك
أنت بالنسبة لي ذلك الحدث الذي يأتي مرة واحدة في العمر
تلك الانعطافة الرقيقة التي لا تتكرر مرتين
انت أتيت لتفتح باب قلبي قسراً
ثم تداعى كل شيء بداخلي لأجلك
كأننا نحلم وحال استيقاظنا عرفنا إن ذلك محال

نظر لساعته ثم قاطعها

دعينا نترك هذه الطاولة أريد أن أريكِ شيئاً

أمسك بيدها وتحركا من الطاولة وبإشارة واحدة فتح النادل الباب الذي يؤدي لشرفة المطعم
تلك المطلة على البحر والمزينة بسلال الورد وشيء من الاضاءة الخافتة
كانت السماء تذرف آخر دموع المطر

أمسك بكلتا يديها تاركاً ظهره للبحر أما هي فكانت بمواجهة البحر

نظر اليها وقلبه يخفق

- إسمعيني دون أن تقاطعي
بقيت صامته ..

- على مدى الأشهر الماضية كنت قد وقعت في حبك

- الأشهر ؟؟

- أخبرتك أن لا تقاطعيني

أومأت بالموافقة

- نعم منذ أشهر وتمنيت لو أوقفتك في منتصف شارع أو في مقهى أو أي مكان آخر
لأبوح لكِ بذلك الحب
لكنني لم أتمكن من ذلك كنت أسكب كل ما بروحي نحوك
أمام أقرب صديق لي
كنت أتبعك بكل مكان أراقبك عن بعد دون أن تعرفي
عشت مع كل التفاصيل المدهشة في حياتك
ثم ذات يوم أخبرني صديقي أن لديه خطة ورحنا نرسم معاً طريق الوصول لقلبك
لقاء المقهى الباريسي والحديث معك وسلسلة غصن الزيتون
اللوحة وهذه السهرة كل تلك الأشياء لم تكن صدفة أبداً

صدمة ممزوجة بدهشة كبيرة كانت تغطي ملامحها

بدت غارقة في الكثير من التساؤلات وكأنها تستعيد تلك اللحظات وتحاول تفكيكها لتستوعب ما يحدث

- عفواً انا مربكة جداً لم اعد أفهم ما يحدث كل ما أعرفه الآن أنني بالقرب من أكثر مخلوق يريده قلبي
لكن هذا مازال يشكل طعنة لصديقتي ولا أدري في كل حديثك هذا كيف أمكنك تخطيها وتجاهلها بهذه السهولة
فهي قد سبقتني اليك ومهما كان الذي بينكما لا يجدر بي أن أكون السبب في هدمه
عبثية هذا الموقف ترهقني دون رحمة
أنا آسفة حقاً
تمنيت لو أن القدر جمعنا بظرف مختلف ماكنت لأتردد في قراري نحوك مطلقاً

إنها صديقتي وأقرب الناس لقلبي ولن أخونها مطلقاً
وإذا كنت سأختار ضحية من كل هذا الموقف
فسأكون أنا و قلبي
أرجوك أن تفهم إنها صديقتي

ابتسم وهو يقول
- كم أنتِ رائعة
على الدوام تثبتين لي أنك الأنقى والأجمل
لكن صديقتك المجنونة التي تقف خلفك الآن مباشرةً
كان لها رأي آخر

بهتت عندما سمعت عبارته الأخيرة واستدارت
هبط قلبها عندما شاهدت صديقتها تقف مبتسمة

إرتبكت ..
- أهلاً حبيبتي أنا لم أكن أقصد صدقيني

جئت هنا كي أنهي كل شيء .. ماذا يحدث أنا لا أدري كيف ....

قاطعتها صديقتها
- هل ستكفين عن الثرثرة كي أتحدث ..؟

- نعم حبيبتي تفضلي لكن يجب أن تعرفي حقيقة الأمر

أطلقت صديقتها ضحكة حسناً اهدئي فحسب

أنا أعرف كل شيء

أنا من سيخبرك ما حدث

فأنا صديقه الذي فضضف لي وأنا من رسم الخطة معه
من البداية حتى هذه اللحظة

منذ شهور صادفك هذا الوسيم وقع بحبك وراح يجوب الاماكن خلفك وعرف كل شيء عنك
وكنت أنا خطوته التالية فاخبرني بحبه لكِ

كنتِ مرتبطة بذلك الخائن حينها فمنعته من مفاتحتك
انكسر قلبه
القدر يتدخل واكتشفت خيانة ذلك الأحمق مع تلك الثرية

تجدد الأمل ولأنني أعرفك جيداً وأعرف كم سيتحطم قلبك كان لابد من خطة
لنعيدك لضفة الحياة والحب

نعم لقاء المقهى كان من أجلك وكل الأحداث كانت من أجلك

غصن الزيتون فستان السهرة مقاساتك أحاديثنا كذبة السفر الى جدتي كل شيء كان مخطط له

حتى هذا الموقف كنت قد رسمته بمخيلتي

لم تكونِ خائنة يوماً أعرف كم أنت صديقة رائعة
وأخبرتك مراراً إنه صديقي فحسب

كنت أساعده كي يظفر بحبك
والآن سأعود لطاولتي المنزوية لأكمل مراقبتي لمشهد الحب هذا ثم غمزتها بمكر وغادرت

استدارت نحوه وبنظرة دلال عذبة مليئة بالدموع

راحت تضرب على صدره بكلتا يديها

وهي تردد كيف تفعل ذلك بي

سحبها بقوة نحوه ضمها لقلبه والمطر يسيل على وجنتيها

وراح يهمس لها فعلت ذلك لأنني أحببتك بعمقي وصدق شعوري

أحببتك مثلما أنتِ وكيفما كنتِ

بجميع تفاصيلك بلطف وغرابتك وعنادك وشغفك

بل أحببتك لأني أحبك

أحاطت وجه بأصابعها الرقيقة

وهي تنظر الى عينيه

أتعرف .. ولأنك هذه الطمأنينة المتدفقة بــ قلبي

وكل الأشياء الثمينة والسعيدة التي تنهمر على روحي

كهذا المطر

أحبك ..

تحت المطر وموسيقى البيانو راحا يكملان الرقصة

وهي تضع رأسها على صدره

ومن بعيد على طاولة منزوية في جانب القاعة
كانت هناك دموع وابتسامة .

النهاية
أتمنى أن تنال أعجابكم .
 

المستخدمين الذين يشاهدون هذا الموضوع

Personalize

أعلى أسفل