أمنيه رشدى
Sexaoy Princess
عضو
فتاة في العشرينات من عمره طموحة لأبعد الحدود، تتحمل المسئولية مهما ثقلت، تركت هي وشقيقتها الضاحية وذهبتا المدينة لإتمام دراستهما الجامعية.
كانت شريكة في السكن مع صديقة طفولتها، تخصصت في الطهي على الطرق الحديثة، تعشق المدرسة الكورية وأمنية حياتها الذهاب لكوريا لشدة حبها لعاداتهم وتقاليدهم والتي تراها من أجمل الأشياء بكل الحياة وعليها تعلمها بدافع الحب.
بجانب دراستها الجامعية كانت تأخذ دورات تدريبية لتعلم اللغة الكورية، كما أنها كانت تعمل طاهية لتؤمن مصاريف دراستها ودراسة شقيقتها الوحيدة، والتي كانت تتمتع بشخصية مخالفة كلياً.
شقيقة الفتاة إنسانة مستهترة لأبعد الحدود على استعداد لفعل أي شيء بالحياة مقابل حصولها على الأموال والتمتع بحياة الرغد، ونظرا لشخصيتها هذه سببت لشقيقتها الكثير والكثير من المشكلات والمتاعب.
حظيت الفتاة بفرصة عمل براتب مجزي للغاية، تم قبولها كطاهية لأحد الأثرياء، وكانت طبيعة العمل غريبة بعض الشيء حيث يتوجب عليها الذهاب لمنزله بعد ذهابه للعمل، والعمل بالمنزل وإنهاء أعمالها كافة قبل الظهر.
داومت على ذلك الشيء، وكانت سعيدة للغاية بعملها الجديد والذي مكنها من تغطية كل مصاريفها ومصاريف شقيقتها والدراسة وحضور الدورات التدريبية في آن واحد.
ولكن لاحظت الفتاة البزخ في عيش سيد المنزل، ولم تستحسن أفعاله كليا، أخذت عنه فكرة سيئة دون أن تراه أو حتى تتعرف عليه؛ وكان أول لقاء جمع بينهما حينما كانت بالمنزل وكان قد نسي أوراقا هاماً للعمل، فعاد مسرعا لالتقاطها على الفور، ولكنها أخطأت في أمره واعتقدت أنه لصاً تسلل للمنزل لسرقته، فأمسكت به وحاولت أن تضربه، ولكنه أمسك بيدها وهنا تم التعارف بينهما.
في ليلة أتاها اتصال من صديقة عمرها الوحيدة أن شقيقتها في ملهى ليلي مع رجل بعمر والدها، هرعت الفتاة للملهى لتنقذ شقيقتها من أفعالها السوداء، وبالفعل تمكنت من أخذها من الملهى ولكنها اصطدمت في أحد الموجودين، واعتذرت له.
اتضح فيما بعد أن ذلك الشخص نفسه هو صديق الشاب الذي تعمل بمنزله طاهية، وأنه صديق طفولته المقرب وشريكه في كل أعماله؛ وبالدورة التدريبية أخبرتهم المعلمة جميعا أنها ستقام حفلة تكريم لكوريين بالبلاد، وأنه سيكون من الشيء الجيد لو تواجدوا بهذه الحفل واختبروا لغتهم الكورية التي تعلموها.
ترددت الفتاة في حضور الحفل ولاسيما أنها لا تمتلك ثوباً مناسبا له، ولكن صديقتها تعمل مصممة أزياء من منزلها ولديها موهبة نادرة، تتردد عليها بعض الفتيات من معارفها لتصمم لهن بعض الملابس وتنفذها ويعطينها أجرا مقابل ذلك، ولكن أملها في الحياة أكبر من ذلك؛ إذ تحلم بأن تكون بيوم من الأيام مصممة شهيرة لنجوم المجتمع ومشاهيره.
تمكنت في خلال يومين من تصميم وتنفيذ أفضل ثوب سهرة على الإطلاق، كان متطابقا على جسدها الملائكي وعلى روحها الطاهرة البريئة، أول ما ارتدته بدت وكأنها ملاك على شكل بشري، صديقتها سعدت كثيرا لرؤيتها على هذا النحو.
اتجهت للحفل وكانت كلها عزيمة وإصرار وتحدي، وهناك كانت المفاجأة الكبرى بالنسبة لها حيث أن صاحب الفعل الحقيقي هو سيدها بالعمل وأنه من قام بدعوة الوفد الكوري لأعمال مشتركة بينهما.
أول ما رآها توجهت أنظاره إليها بشغف، لاحظه صديقه المقرب وكان نفسه الشخص الذي اصطدمت به بحفل الملهى الليلي فتذكرها على الفور، وحذر صديقه من الاقتراب منها، ووصفها بأنها فتاة ساقطة كل ما تتقن عمله هو جذب الأثرياء إليها والإيقاع بهم في شباكها، ومن ثم استنزافهم ماديا وعاطفيا، صدقه كليا ولكنه لم يستطع أن يمنع عينيه من النظر إليها والإمعان بكل ملامحها العفوية.
كانت هائمة على وجهها بالحفل ولا تدري كيف تبدأ، كانت تحمل بيدها كأساً من عصير البرتقال، وإذا بها تصطدم بسيدة الحفل الأولى وكانت كورية، فينسكب العصير على ثوبها الغالي فيفسده، اعتذرت الفتاة لها بالكورية ومما أدهش الجميع أن السيدة لم تغضب من الأساس بل سعدت لرؤيتها أخيرا امرأة مثلها تتحدث لغتها وبطلاقة، فقد كانت مصابة بالملل الشديد.
اقترب منها سيدها بالعمل ظناً منه بأنها قد حلت عليها كارثة، اعتذر لزوج السيدة والذي كان في الأساس سيد الحفل الثاني لكونه شريكه بالعمل، ولكن السيد وزوجه لم يبديان أي ضيق ولا ضجر تجاه الفتاة بل أحباها كثيرا لكثرة حبها لهما وللشعب الكوري بأكمله، بل ودعياها للسفر معهما لزيارة بلدهما والتي من حديثها أيقنا مدى حبها وتعلقها بثقافاتها.
انتهى الحفل بالنسبة للجميع باستثناء رجل الأعمال وزوجته واللذان أرادا أن يكملاه بمنزل شريكهما حيث أن الزوجة اشتاقت للحديث مع أحد فنظرا لعدم إجادتها لغة باستثناء لغتها الأم كانت دوما تجلس دون أن تخالط أحد مما جعلها مستاءة طوال الرحلة، والفتاة جاءتها كنجدة لها لذا أرادت أن تكثر من الوقت بصحبتها.
استكملوا جميعهم الحفل بمنزل الشاب وتوجب على الفتاة الذهاب معهم بطلب من السيدة، لم تظهر الفتاة ولا سيدها لهما بأنها خادمة بمنزله من الأساس، عرفهما عليها بأنهما تربطهما ببعضهما البعض صلة قرابة.
كان السيد مولعا بشرب الكحوليات كعادته، أجبرت الفتاة على الشرب معهم كما جرت عادة الحفلات، ومن بعدها جلسوا سويا حتى لزم الأمر مغادرة رجل الأعمال وزوجته، ولكن الفتاة كانت قد فقدت سيطرتها على نفسها كليا.
كان سيدها يعتقد أنها ليست على استقامة وأنها تريد الإيقاع به لثرائه، فقال لها: “هيا بنا لغرفة النوم، لقد جاءت اللحظة التي كنتِ تخططين لها من اللحظة الأولى، لقد نجحتِ في ذلك”.
فتحت الفتاة عينيها إذ صدمت من كلامه، وقبل أن ترد عليه رداً جارحا أخذت تتقيأ فلم تتحمل الكحول الذي شربته لأول مرة في حياتها، هلع عليها سيدها فقام بحملها ووضعها تحت المياه، فتبللت كامل ملابسها، حملها ووضعها على سريره بغرفته الخاصة وقام بتغيير ملابسها الخارجية حتى لا تصاب بأذى بعدما قام بتغطيتها كاملة.
وفي الصباح الباكر استيقظت الفتاة، وعندما وجدت نفسها قد تغيرت ملابسها أصيبت بالفزع والهلع الشديد، ولكنها لم تتذكر شيئا على الإطلاق ولم تتذكر كلماته التي تحمل لها الإهانة.
حاولت سؤاله عن ما حدث بالأمس معها، ولكنه لم يعطها إجابة وحدة، كانت عدد محاولات الاتصال من صديقتها تفوق الخيال، ارتدت ملابس العمل وأكملت عملها، وأثناء العمل تذكرت كلماته فهرعت إليه وعينيها كلها شرر…
الفتاة: “وهل ظننتني واحدة تردي إغوائك والإيقاع بك؟!، حمداً لله أنك أظهرت الحقيقة التي تضمرها بقلبك لي، إنني أستقيل”.
كان الشاب مصدوما من ردة فعلها، ولكنه سلم بأمر رحيلها عن العمل وطلب من مديرة أعماله أن تجد له طاهية جديدة عوضا عنها؛ أما عن الفتاة فقد شرعت في البحث عن عمل، ولم تجد فقررت العمل أون لاين وتقديم طلبات الزبائن للمنزل، كان جهدا شاقا بالنسبة لها وأجرا أقل بأضعاف الأضعاف بالنسبة لأجرها عند الشاب، ولكنها رضيت بالقليل من المال على ألا تهان كرامتها على يدي أحد مهما بلغت قوته وسلطته وتجبره.
كانت نقطة ضعفها الوحيدة هي شقيقتها والتي لا تنفك تكف عن طلب الأموال، علاوة على كونها لا تنفق أموال شقيقتها إلا على التفاهات مثلها، كانت تعتقد الفتاة أن شقيقتها قامت بدفع رسوم الجامعة، ولكنها اكتشفت أنها قد أنفقتها على الملابس وعلى الأكل في أفخم المطاعم!
كادت الفتاة أن تصاب بالجنون من أفعال شقيقتها، ولم يكن لها عزاء في الحياة سوى صديقتها الوحيدة التي تسكن معها بنفس السكن؛ وبيوم من الأيام بينما كانت الفتة تتمم دراستها جاءها اتصال من امرأة عرفت فيما بعد أنها شقيقة الشاب الذي كانت تعمل لديه، وأن ابنها “بدر” يرغب في رؤيتها بيوم ميلاده.
“بدر” ابن شقيقة الشاب، وقد لعبت الفتاة معه يوماً كاملا واعتنت به اعتناءً تاما، ونظرا لطيبة قلبها وصدقها في تعاملها حتى مع الأطفال أحبها الطفل “بدر” بصدق ولم يستطع تجاوزها، فأبدى رغبة في مقابلتها بحفل مولده.
رفضت الفتاة في البداية بسبب انشغالها الزائد، ولكن “بدر” أمسك بالهاتف من والدته وتوسل إليها، فوافقت على المجيء.
أما عن الفتاة فقد رفضت حتى لا تقع عينيها على الشاب مرة أخرى، أما عن الشاب فكان كثير التفكير فيها حيث أنه لم يقابل فتاة مثلها حتى الآن، ولم يستطع أن يمنع نفسه من التفكير فيها ولولا كبريائه لاتصل بها وأعادها للعمل بمنزله مجددا.
لقد كان يراها في كل زاوية بمنزله، في كل مكان يرى نظراتها البريئة، يرى الشخصية الجريئة التي كانت تنهره عن فعل الكثير من الأشياء بعفوية.
وبالحفل كانت الفتاة متألقة كعادتها على الغرم من بساطة ما ترتديه، لقد كان جمالها طاغياً، كان الشاب بالحفل أيضا ولكنها تجنبت الحديث معه كلياً، وبالرغم من طلب شقيقته من الفتاة العودة للعمل لديه إلا أنها لم توافق متخذة من دراستها حجة.
وبعد أسبوع واحد من الحفل فوجئت الفتاة من الأخبار بمصرع والدة “بدر” ووالده، لقد بات الطفل يتيم الأبوين في ثواني معدودة، لم ينجو أحد من الحادثة إلا “بدر” والذي بات في حالة نفسية وجسدية صعبة للغاية يرثى لها.
على الفور ذهبت الفتاة للعزاء، وكان همها الأول والأخير “بدر”، في البداية كان في حالة سيئة للغاية، وعندا استفاق من وضعه كان يأبى الأكل والشراب بصفة نهائية، كل ما كان يرغب به الموت مثل والديه والبقاء معهما بالجنة.
كانت كلماته تقطع قلوبهم جميعا، فكيف لطفل صغير لم يتجاوز السابعة من عمره بعد يتحدث بكلمات لا تحمل إلا رغبته الشديدة والملحمة في الموت، رفض الطعام من أجل اللحاق بهم سريعا.
كانت بكل يوم تعد له الأكلات والحلويات التي يحبها، وتحاول جاهدة إطعامه شيئا منها، وأخيرا نجحت في ذلك فاستساغ الطعام بعد رفض دام ثلاثة أيام.
كانت تشعر بالسعادة تغمرها من داخلها؛ وما إن استرد الطفل الصغير عافيته حتى اكتشفوا جميعا إعلان عمته والمستبعدة من العائلة بسبب زواجها بشاب لم يوافق عليه والدها، كان بالإعلان أنها تريد الوصاية على ابن أخيها!
الشاب خال “بدر” والأجدر بالوصاية عليه حيث يعتبر هو من قام بتربية “بدر” مع والديه، أما العمة فلم يراها “بدر” منذ ولادته؛ ولكن زوج العمة تلاعب في الأوراق والوثائق وجعل رجاله يثبتون على الشاب أنه غير كفء للوصاية بابن شقيقته بحكم أنه كثير السهر وكثير العلاقات النسائية والسكر، وفي الحقيقة شخصيته عكس ما وسم به على الإطلاق.
كان “بدر” متعلقا للغاية بالفتاة حيث وجد بها حنان والدته وخوف والده عليه، وبالرغم من انتصار العمة في اقتلاع الوصاية إلا أن “بدر” لم يستغني عن الفتاة، وكان يأبى أن يأكل إلا من يديها، ويأبى الدراسة إلا برفقتها ويأبى اللعب إلا معها أيضا.
حاولت العمة أن تجعلها تعمل معها براتب مجزي للغاية إلا أن الفتاة أبت طلبها بشكل قاطع، وعادت للعمل مع الشاب مجددا حتى تتمكن من مواساته والتفكير في حل لإرجاع “بدر” لحضنه حيث أن الطفل يجد عزائه في خاله وليست في عمته.
وبيوم من الأيام قام “بدر” بالتسلل من منزل عمته دون أن يلاحظه أحد، وعندما لاحظوا اختفائه بحثوا عنه في كل مكان إلا أنهم لم يجدوه!
كان الطفل الصغير الذي أصابه الحنين لواليه قد تمكن من العودة لمنزله وغاص في نوم عميق بغرفته بجانب صورة والديه، كان الجميع يبحث عنه بكل مكان، وقامت العمة بإبلاغ الشرطة لإيجاده أما زوجها فقد ألقى تهمة اختفائه على خاله والتخطيط لخطفه، ولكن الفتاة هي من فكرت في مكانه، وذهبت إليه ووجدته نائما في هدوء تام، اتصلت على الشاب وأبلغته بأنها قد وجدته.
فجاءها وانتظرا حتى استيقاظه ولم يزعجانه، فسألته الفتاة عن سبب تمسك عمة “بدر” بالوصاية عليه، وكان رد الشاب صادما بالنسبة للفتاة، والدي بدر يمتلكان حصة كبيرة من الشركات بنسبة ثمانية وأربعون بالمائة من إجمالي الأسهم، وبوضع العمة يديها على هذه الحصة والتي باتت من نصيب “بدر” بعد وفاة والديه سيكون لها النصيب الأكبر، وكل هذا التخطيط من زوجها والذي يعد منافس العائلة الوحيد منذ زمن بعيد.
بكت الفتاة على حال “بدر” الطفل الصغير والذي لتوه فاقد لوالديه مصدري الأمن والحنان، وقد وجد نفسه في صراع على الحكم والسلطة وانتزاع الحق والأموال بحق أو بدونهن فماذا يفعل مسكين مثله؟!
أخبرها الشاب عن الحل الوحيد، وأنها الوحيدة من بإمكانها مساعدته على ذلك، وكان الحل الزواج به زواجاً صورياً للفوز بالوصاية على “بدر” ولاسيما بعد هربه من منزل عمته.
وافقت الفتاة دون تردد منها حيث كان قلبها ينفطر على حال الطفل الصغير، وبالفعل تم زواجهما وانتشرت الأخبار في جميع وسائل الإعلام، وكان بعد الزواج بأسبوع موعدهم جميعا مع قاضي القضاة والذي حكم بأحقية الشاب في الوصاية على ابن شقيقته وخاصةً بعد زواجه وتهيئة الأمان والاستقرار النفسي له، وجاءت شهادة “بدر” في صالحهما برغبته بالعيش مع خاله والفتاة إذ يحبهما كثيرا، وأبدى عدم رغبته بالعيش بمنزل عمته مرة أخرى.
تغير زوج العمة في معاملته لها، لقد كان من البداية مخططه الفوز بالنصيب الأكبر من شركات عائلتها، ومن ضمن مخططه أنها تكون زوجته، واكتشفت من خلال محادثته أنه من دبر حادث مقتل شقيقها وزوجته، قامت بتسجيل صوتي له باعترافه بذلك.
وأرسلت التسجيل للشاب، والذي استعمله فيما بعد للإلقاء السلطات عليه وزجه بالسجن، كانت العمة أيضا قد شاركت في بعض جرائم زوجها وكان لها من السجن نصيب أيضا.
أما عن “بدر” فكان يعيش في سلام ووئام مع خاله والفتاة حيث كانا لا يتركان من جهدهما جهد ولا من السبل سبيل لإسعاده وتوفير الراحة له، أما عن الفتاة فقد أحبت الشاب كثيرا ولاسيما عندما رأت الجانب الطيب الحنين بشخصيته بعيدا عن الجانب العصبي على الدوام بسبب أعماله الكثيرة والمعقدة.
تحول زواجهما لزواج سعيد، وبذكرى زواجهما الأولى كان يحمل لها هدية خاتما من الألماس وتذاكر سفر لدول متعددة حول العالم لهما ولبدر؛ أما هدية الفتاة فكانت تحمل كل السعادة لقلبه، أمسكت بيده ووضعتها على بطنها، فعلم حينها أنها تحمل في أحشائها قطعة صغيرة منه لتتم فرحته بكل الدنيا.
كانت شريكة في السكن مع صديقة طفولتها، تخصصت في الطهي على الطرق الحديثة، تعشق المدرسة الكورية وأمنية حياتها الذهاب لكوريا لشدة حبها لعاداتهم وتقاليدهم والتي تراها من أجمل الأشياء بكل الحياة وعليها تعلمها بدافع الحب.
بجانب دراستها الجامعية كانت تأخذ دورات تدريبية لتعلم اللغة الكورية، كما أنها كانت تعمل طاهية لتؤمن مصاريف دراستها ودراسة شقيقتها الوحيدة، والتي كانت تتمتع بشخصية مخالفة كلياً.
شقيقة الفتاة إنسانة مستهترة لأبعد الحدود على استعداد لفعل أي شيء بالحياة مقابل حصولها على الأموال والتمتع بحياة الرغد، ونظرا لشخصيتها هذه سببت لشقيقتها الكثير والكثير من المشكلات والمتاعب.
حظيت الفتاة بفرصة عمل براتب مجزي للغاية، تم قبولها كطاهية لأحد الأثرياء، وكانت طبيعة العمل غريبة بعض الشيء حيث يتوجب عليها الذهاب لمنزله بعد ذهابه للعمل، والعمل بالمنزل وإنهاء أعمالها كافة قبل الظهر.
داومت على ذلك الشيء، وكانت سعيدة للغاية بعملها الجديد والذي مكنها من تغطية كل مصاريفها ومصاريف شقيقتها والدراسة وحضور الدورات التدريبية في آن واحد.
ولكن لاحظت الفتاة البزخ في عيش سيد المنزل، ولم تستحسن أفعاله كليا، أخذت عنه فكرة سيئة دون أن تراه أو حتى تتعرف عليه؛ وكان أول لقاء جمع بينهما حينما كانت بالمنزل وكان قد نسي أوراقا هاماً للعمل، فعاد مسرعا لالتقاطها على الفور، ولكنها أخطأت في أمره واعتقدت أنه لصاً تسلل للمنزل لسرقته، فأمسكت به وحاولت أن تضربه، ولكنه أمسك بيدها وهنا تم التعارف بينهما.
في ليلة أتاها اتصال من صديقة عمرها الوحيدة أن شقيقتها في ملهى ليلي مع رجل بعمر والدها، هرعت الفتاة للملهى لتنقذ شقيقتها من أفعالها السوداء، وبالفعل تمكنت من أخذها من الملهى ولكنها اصطدمت في أحد الموجودين، واعتذرت له.
اتضح فيما بعد أن ذلك الشخص نفسه هو صديق الشاب الذي تعمل بمنزله طاهية، وأنه صديق طفولته المقرب وشريكه في كل أعماله؛ وبالدورة التدريبية أخبرتهم المعلمة جميعا أنها ستقام حفلة تكريم لكوريين بالبلاد، وأنه سيكون من الشيء الجيد لو تواجدوا بهذه الحفل واختبروا لغتهم الكورية التي تعلموها.
ترددت الفتاة في حضور الحفل ولاسيما أنها لا تمتلك ثوباً مناسبا له، ولكن صديقتها تعمل مصممة أزياء من منزلها ولديها موهبة نادرة، تتردد عليها بعض الفتيات من معارفها لتصمم لهن بعض الملابس وتنفذها ويعطينها أجرا مقابل ذلك، ولكن أملها في الحياة أكبر من ذلك؛ إذ تحلم بأن تكون بيوم من الأيام مصممة شهيرة لنجوم المجتمع ومشاهيره.
تمكنت في خلال يومين من تصميم وتنفيذ أفضل ثوب سهرة على الإطلاق، كان متطابقا على جسدها الملائكي وعلى روحها الطاهرة البريئة، أول ما ارتدته بدت وكأنها ملاك على شكل بشري، صديقتها سعدت كثيرا لرؤيتها على هذا النحو.
اتجهت للحفل وكانت كلها عزيمة وإصرار وتحدي، وهناك كانت المفاجأة الكبرى بالنسبة لها حيث أن صاحب الفعل الحقيقي هو سيدها بالعمل وأنه من قام بدعوة الوفد الكوري لأعمال مشتركة بينهما.
أول ما رآها توجهت أنظاره إليها بشغف، لاحظه صديقه المقرب وكان نفسه الشخص الذي اصطدمت به بحفل الملهى الليلي فتذكرها على الفور، وحذر صديقه من الاقتراب منها، ووصفها بأنها فتاة ساقطة كل ما تتقن عمله هو جذب الأثرياء إليها والإيقاع بهم في شباكها، ومن ثم استنزافهم ماديا وعاطفيا، صدقه كليا ولكنه لم يستطع أن يمنع عينيه من النظر إليها والإمعان بكل ملامحها العفوية.
كانت هائمة على وجهها بالحفل ولا تدري كيف تبدأ، كانت تحمل بيدها كأساً من عصير البرتقال، وإذا بها تصطدم بسيدة الحفل الأولى وكانت كورية، فينسكب العصير على ثوبها الغالي فيفسده، اعتذرت الفتاة لها بالكورية ومما أدهش الجميع أن السيدة لم تغضب من الأساس بل سعدت لرؤيتها أخيرا امرأة مثلها تتحدث لغتها وبطلاقة، فقد كانت مصابة بالملل الشديد.
اقترب منها سيدها بالعمل ظناً منه بأنها قد حلت عليها كارثة، اعتذر لزوج السيدة والذي كان في الأساس سيد الحفل الثاني لكونه شريكه بالعمل، ولكن السيد وزوجه لم يبديان أي ضيق ولا ضجر تجاه الفتاة بل أحباها كثيرا لكثرة حبها لهما وللشعب الكوري بأكمله، بل ودعياها للسفر معهما لزيارة بلدهما والتي من حديثها أيقنا مدى حبها وتعلقها بثقافاتها.
انتهى الحفل بالنسبة للجميع باستثناء رجل الأعمال وزوجته واللذان أرادا أن يكملاه بمنزل شريكهما حيث أن الزوجة اشتاقت للحديث مع أحد فنظرا لعدم إجادتها لغة باستثناء لغتها الأم كانت دوما تجلس دون أن تخالط أحد مما جعلها مستاءة طوال الرحلة، والفتاة جاءتها كنجدة لها لذا أرادت أن تكثر من الوقت بصحبتها.
استكملوا جميعهم الحفل بمنزل الشاب وتوجب على الفتاة الذهاب معهم بطلب من السيدة، لم تظهر الفتاة ولا سيدها لهما بأنها خادمة بمنزله من الأساس، عرفهما عليها بأنهما تربطهما ببعضهما البعض صلة قرابة.
كان السيد مولعا بشرب الكحوليات كعادته، أجبرت الفتاة على الشرب معهم كما جرت عادة الحفلات، ومن بعدها جلسوا سويا حتى لزم الأمر مغادرة رجل الأعمال وزوجته، ولكن الفتاة كانت قد فقدت سيطرتها على نفسها كليا.
كان سيدها يعتقد أنها ليست على استقامة وأنها تريد الإيقاع به لثرائه، فقال لها: “هيا بنا لغرفة النوم، لقد جاءت اللحظة التي كنتِ تخططين لها من اللحظة الأولى، لقد نجحتِ في ذلك”.
فتحت الفتاة عينيها إذ صدمت من كلامه، وقبل أن ترد عليه رداً جارحا أخذت تتقيأ فلم تتحمل الكحول الذي شربته لأول مرة في حياتها، هلع عليها سيدها فقام بحملها ووضعها تحت المياه، فتبللت كامل ملابسها، حملها ووضعها على سريره بغرفته الخاصة وقام بتغيير ملابسها الخارجية حتى لا تصاب بأذى بعدما قام بتغطيتها كاملة.
وفي الصباح الباكر استيقظت الفتاة، وعندما وجدت نفسها قد تغيرت ملابسها أصيبت بالفزع والهلع الشديد، ولكنها لم تتذكر شيئا على الإطلاق ولم تتذكر كلماته التي تحمل لها الإهانة.
حاولت سؤاله عن ما حدث بالأمس معها، ولكنه لم يعطها إجابة وحدة، كانت عدد محاولات الاتصال من صديقتها تفوق الخيال، ارتدت ملابس العمل وأكملت عملها، وأثناء العمل تذكرت كلماته فهرعت إليه وعينيها كلها شرر…
الفتاة: “وهل ظننتني واحدة تردي إغوائك والإيقاع بك؟!، حمداً لله أنك أظهرت الحقيقة التي تضمرها بقلبك لي، إنني أستقيل”.
كان الشاب مصدوما من ردة فعلها، ولكنه سلم بأمر رحيلها عن العمل وطلب من مديرة أعماله أن تجد له طاهية جديدة عوضا عنها؛ أما عن الفتاة فقد شرعت في البحث عن عمل، ولم تجد فقررت العمل أون لاين وتقديم طلبات الزبائن للمنزل، كان جهدا شاقا بالنسبة لها وأجرا أقل بأضعاف الأضعاف بالنسبة لأجرها عند الشاب، ولكنها رضيت بالقليل من المال على ألا تهان كرامتها على يدي أحد مهما بلغت قوته وسلطته وتجبره.
كانت نقطة ضعفها الوحيدة هي شقيقتها والتي لا تنفك تكف عن طلب الأموال، علاوة على كونها لا تنفق أموال شقيقتها إلا على التفاهات مثلها، كانت تعتقد الفتاة أن شقيقتها قامت بدفع رسوم الجامعة، ولكنها اكتشفت أنها قد أنفقتها على الملابس وعلى الأكل في أفخم المطاعم!
كادت الفتاة أن تصاب بالجنون من أفعال شقيقتها، ولم يكن لها عزاء في الحياة سوى صديقتها الوحيدة التي تسكن معها بنفس السكن؛ وبيوم من الأيام بينما كانت الفتة تتمم دراستها جاءها اتصال من امرأة عرفت فيما بعد أنها شقيقة الشاب الذي كانت تعمل لديه، وأن ابنها “بدر” يرغب في رؤيتها بيوم ميلاده.
“بدر” ابن شقيقة الشاب، وقد لعبت الفتاة معه يوماً كاملا واعتنت به اعتناءً تاما، ونظرا لطيبة قلبها وصدقها في تعاملها حتى مع الأطفال أحبها الطفل “بدر” بصدق ولم يستطع تجاوزها، فأبدى رغبة في مقابلتها بحفل مولده.
رفضت الفتاة في البداية بسبب انشغالها الزائد، ولكن “بدر” أمسك بالهاتف من والدته وتوسل إليها، فوافقت على المجيء.
أما عن الفتاة فقد رفضت حتى لا تقع عينيها على الشاب مرة أخرى، أما عن الشاب فكان كثير التفكير فيها حيث أنه لم يقابل فتاة مثلها حتى الآن، ولم يستطع أن يمنع نفسه من التفكير فيها ولولا كبريائه لاتصل بها وأعادها للعمل بمنزله مجددا.
لقد كان يراها في كل زاوية بمنزله، في كل مكان يرى نظراتها البريئة، يرى الشخصية الجريئة التي كانت تنهره عن فعل الكثير من الأشياء بعفوية.
وبالحفل كانت الفتاة متألقة كعادتها على الغرم من بساطة ما ترتديه، لقد كان جمالها طاغياً، كان الشاب بالحفل أيضا ولكنها تجنبت الحديث معه كلياً، وبالرغم من طلب شقيقته من الفتاة العودة للعمل لديه إلا أنها لم توافق متخذة من دراستها حجة.
وبعد أسبوع واحد من الحفل فوجئت الفتاة من الأخبار بمصرع والدة “بدر” ووالده، لقد بات الطفل يتيم الأبوين في ثواني معدودة، لم ينجو أحد من الحادثة إلا “بدر” والذي بات في حالة نفسية وجسدية صعبة للغاية يرثى لها.
على الفور ذهبت الفتاة للعزاء، وكان همها الأول والأخير “بدر”، في البداية كان في حالة سيئة للغاية، وعندا استفاق من وضعه كان يأبى الأكل والشراب بصفة نهائية، كل ما كان يرغب به الموت مثل والديه والبقاء معهما بالجنة.
كانت كلماته تقطع قلوبهم جميعا، فكيف لطفل صغير لم يتجاوز السابعة من عمره بعد يتحدث بكلمات لا تحمل إلا رغبته الشديدة والملحمة في الموت، رفض الطعام من أجل اللحاق بهم سريعا.
كانت بكل يوم تعد له الأكلات والحلويات التي يحبها، وتحاول جاهدة إطعامه شيئا منها، وأخيرا نجحت في ذلك فاستساغ الطعام بعد رفض دام ثلاثة أيام.
كانت تشعر بالسعادة تغمرها من داخلها؛ وما إن استرد الطفل الصغير عافيته حتى اكتشفوا جميعا إعلان عمته والمستبعدة من العائلة بسبب زواجها بشاب لم يوافق عليه والدها، كان بالإعلان أنها تريد الوصاية على ابن أخيها!
الشاب خال “بدر” والأجدر بالوصاية عليه حيث يعتبر هو من قام بتربية “بدر” مع والديه، أما العمة فلم يراها “بدر” منذ ولادته؛ ولكن زوج العمة تلاعب في الأوراق والوثائق وجعل رجاله يثبتون على الشاب أنه غير كفء للوصاية بابن شقيقته بحكم أنه كثير السهر وكثير العلاقات النسائية والسكر، وفي الحقيقة شخصيته عكس ما وسم به على الإطلاق.
كان “بدر” متعلقا للغاية بالفتاة حيث وجد بها حنان والدته وخوف والده عليه، وبالرغم من انتصار العمة في اقتلاع الوصاية إلا أن “بدر” لم يستغني عن الفتاة، وكان يأبى أن يأكل إلا من يديها، ويأبى الدراسة إلا برفقتها ويأبى اللعب إلا معها أيضا.
حاولت العمة أن تجعلها تعمل معها براتب مجزي للغاية إلا أن الفتاة أبت طلبها بشكل قاطع، وعادت للعمل مع الشاب مجددا حتى تتمكن من مواساته والتفكير في حل لإرجاع “بدر” لحضنه حيث أن الطفل يجد عزائه في خاله وليست في عمته.
وبيوم من الأيام قام “بدر” بالتسلل من منزل عمته دون أن يلاحظه أحد، وعندما لاحظوا اختفائه بحثوا عنه في كل مكان إلا أنهم لم يجدوه!
كان الطفل الصغير الذي أصابه الحنين لواليه قد تمكن من العودة لمنزله وغاص في نوم عميق بغرفته بجانب صورة والديه، كان الجميع يبحث عنه بكل مكان، وقامت العمة بإبلاغ الشرطة لإيجاده أما زوجها فقد ألقى تهمة اختفائه على خاله والتخطيط لخطفه، ولكن الفتاة هي من فكرت في مكانه، وذهبت إليه ووجدته نائما في هدوء تام، اتصلت على الشاب وأبلغته بأنها قد وجدته.
فجاءها وانتظرا حتى استيقاظه ولم يزعجانه، فسألته الفتاة عن سبب تمسك عمة “بدر” بالوصاية عليه، وكان رد الشاب صادما بالنسبة للفتاة، والدي بدر يمتلكان حصة كبيرة من الشركات بنسبة ثمانية وأربعون بالمائة من إجمالي الأسهم، وبوضع العمة يديها على هذه الحصة والتي باتت من نصيب “بدر” بعد وفاة والديه سيكون لها النصيب الأكبر، وكل هذا التخطيط من زوجها والذي يعد منافس العائلة الوحيد منذ زمن بعيد.
بكت الفتاة على حال “بدر” الطفل الصغير والذي لتوه فاقد لوالديه مصدري الأمن والحنان، وقد وجد نفسه في صراع على الحكم والسلطة وانتزاع الحق والأموال بحق أو بدونهن فماذا يفعل مسكين مثله؟!
أخبرها الشاب عن الحل الوحيد، وأنها الوحيدة من بإمكانها مساعدته على ذلك، وكان الحل الزواج به زواجاً صورياً للفوز بالوصاية على “بدر” ولاسيما بعد هربه من منزل عمته.
وافقت الفتاة دون تردد منها حيث كان قلبها ينفطر على حال الطفل الصغير، وبالفعل تم زواجهما وانتشرت الأخبار في جميع وسائل الإعلام، وكان بعد الزواج بأسبوع موعدهم جميعا مع قاضي القضاة والذي حكم بأحقية الشاب في الوصاية على ابن شقيقته وخاصةً بعد زواجه وتهيئة الأمان والاستقرار النفسي له، وجاءت شهادة “بدر” في صالحهما برغبته بالعيش مع خاله والفتاة إذ يحبهما كثيرا، وأبدى عدم رغبته بالعيش بمنزل عمته مرة أخرى.
تغير زوج العمة في معاملته لها، لقد كان من البداية مخططه الفوز بالنصيب الأكبر من شركات عائلتها، ومن ضمن مخططه أنها تكون زوجته، واكتشفت من خلال محادثته أنه من دبر حادث مقتل شقيقها وزوجته، قامت بتسجيل صوتي له باعترافه بذلك.
وأرسلت التسجيل للشاب، والذي استعمله فيما بعد للإلقاء السلطات عليه وزجه بالسجن، كانت العمة أيضا قد شاركت في بعض جرائم زوجها وكان لها من السجن نصيب أيضا.
أما عن “بدر” فكان يعيش في سلام ووئام مع خاله والفتاة حيث كانا لا يتركان من جهدهما جهد ولا من السبل سبيل لإسعاده وتوفير الراحة له، أما عن الفتاة فقد أحبت الشاب كثيرا ولاسيما عندما رأت الجانب الطيب الحنين بشخصيته بعيدا عن الجانب العصبي على الدوام بسبب أعماله الكثيرة والمعقدة.
تحول زواجهما لزواج سعيد، وبذكرى زواجهما الأولى كان يحمل لها هدية خاتما من الألماس وتذاكر سفر لدول متعددة حول العالم لهما ولبدر؛ أما هدية الفتاة فكانت تحمل كل السعادة لقلبه، أمسكت بيده ووضعتها على بطنها، فعلم حينها أنها تحمل في أحشائها قطعة صغيرة منه لتتم فرحته بكل الدنيا.